08/03/2018 المحنة و القلم

نصب الشهيد الفيلي

 

ان هذا النُصب هو سرد لمأساة الكورد الفيليين بكل فصولها ، ابتداءً من الجذوع المغروسة في اعماق الأرض الى ازقة المناطق الشعبية مروراً بأمل العودة الى الوطن بعد عذابات التهجير وقضبان السجون وصولاً الى الخاتمة التي هي القمة البارزة اعلى النصب ، تلك الذروة التي يمثلها الشهيد .

 

 يتألف النصب من ثلاثة اجزاء متراكبة ومتداخلة فوق بعضها ، الجزء الاسفل عبارة عن مجموعة من جذوع الاشجار المغروسة في الارض وهي ترمز الى البيت الاكبر ، الى الوطن وعمق ارتباط الفيليين بأرضهم وجذورهم المزروعة فيها ، اما الجزء الاوسط فهو عبارة عن مجموعة من الاواني التي كانت تستخدم لشرب الماء ( طاسات ) ، فمن العادات الفلكلورية المعروفة والمتوارثة هي رش الماء خلف المسافر أملاً بعودته سالماً ، ولكن الفيليين حين انتزعوا من وطنهم لم يعودوا ، بل لم يعثر لحد الان حتى على رفات شبابهم الذين غيبتهم الزنازين ، ولهذا كان وجود اواني الماء تلك في النصب للتذكير بهؤلاء الشباب المغيبين.

 في جوار الاواني جدار رمزي من الطابوق المبني على الطريقة البغدادية الفريدة المسماة ( جف قيم ) ، يشير الى بغداد التي انطلقت منها شرارة التهجير والى الحاجز الذي وضع بينهم وبين وطنهم ، وفي جهة اخرى من الجزء الاوسط توجد ثلاثة وجوه محاطة بالقضبان وهي اشارة الى شبابنا الذي تم تغييبه خلف القضبان ، وفي جهة اخرى توجد ابواب خشبية وشناشيل ترمز الى ازقة مناطق الكورد الفيليين وابواب دورهم في المناطق الشعبية التي يعيش فيها الفيليين .
الجزء العلوي وهو قمة النصب الذي يمثل ذروة العمل نرى فيه عائلة فيلية ، القمة فيها اربعة جوانب ، الشخوص هم الاب والام والاخت والزوجة يرتدون الزي المعروف للكورد الفيليين ، من قلب هذه الشخوص الاربعة او العائلة الفيلية ينبثق ويبرز تجسيد الشاب المقيد والمعصوب العينين ، هذا هو الضحية الاكبر ، انه الشهيد الفيلي .
تم تصميم النصب والمباشرة بتنفيذه من قبل الفنان التشكيلي ( مقداد احمد مهدي ) في 16 كانون الأول 2006 ، وتم الانجاز في يوم الشهيد الفيلي 4 نيسان 2007.
واخيراً وبعد سنوات طويلة من مخاض عسير تم افتتاحه رسمياً في ذكرى اعدام الطاغية المقبور في 30 كانون الأول 2016 ليشكل الحدث صرخة في وجه الظلم والظالمين وصفعة على وجوه الطغاة والمتجبرين ، وليكون هذا النصب صرحاً بارزاً ومعلماً مهماً من معالم العاصمة بغداد ، وشاهداً على ما ارتكب بحق الفيليين من جرائم يندى لها جبين الانسانية.

المحنة و القلم